أبو بكر الرازي

( 864 _ 934 م )

هو أبو بكر محمد بن زكريا الرازي . المسمى : جالينوس العرب ولد في مدينة الري بفارس جنوبي طهران ، و عاش في بغداد . و يعد أعظم مفكرين الإسلام ، و درس الرياضيات و الطب و الفلسفة و الفلك و الكيمياء و المنطق و الأدب . و كان الرازي من أعظم الأطباء المسلمين في العصور الوسطى أي في القرن 17 . فقد عمل رئيسا لأطباء بيمارستان الري ، فرئيسا للبيمارستان العضدي ببغداد . ألف كثير من الرسائل في شتى الأمراض و أشهرها ( كتاب الجدري و الحصبة ) و كذلك ابتكر وسائل في العلاج و الجراحات باسمه . فقد كان من اكثر المؤلفين خصوبة و إنتاجا . كتب في كل فروع الطب المعروفة في ذلك العصر ، كما كان سباقا لارتياد ميادين جديدة ، كما ألف كتب طبية مطولة ، ترجم عدد منها إلى اللاتينية ، و استمرت حتى القرن 17 المراجع الأولى في علوم الطب .
و من أعظم و أشهر كتب الرازي هي : تاريخ الطب . و قد جمع فيه مقتطفات من مصنفات الإغريق و العرب ، و قد ترجمه إلى اللاتينية بصقلية الطبيب اليهودي فرج بن سالم ( 1279 م ) .

و قد بحث فيه أمراض الرأس و أوجاع العصب و التشنج ، كما عني فيه بأمراض العيون و الأنف و الأسنان . أما كتاب ( المنصوري ) فقد جعله الرازي في عشرة أقسام في أبواب الطب ، و في القسم الثامن تجارب أجراها على الحيوانات . لاختبار أساليب جديدة في العلاج و للكشف عن فاعليه بعض الأدوية ، و ذلك قبل أن يجربها على الإنسان . كما يضم هذا الكتاب وصفا دقيقا لتشريح أعضاء الجسم كله ، و قد ترجم كتاب ( المنصوري ) إلى اللاتينية و ظل الأطباء في أوروبا يعتمدون عليه حتى القرن 17 .

و في كتاب الرازي ( سر الأسرار ) يتحدث عن الكيمياء العملية و يقسم العناصر المعروفة لديه ، و التجارب التي أجراها بنفسه ، على وصف لأجهزة الكيميائية المستخدمة في بحوثه مثل القوارير و الأحواض و المرجل . و كان الرازي أول من أبتكر خيوط الجراحة ، و صنع مراهم الزئبق ، و أجرى بحوثا على حمض الزاج و الكحول ، و مقالات كثيرة انشرها بول كراوس بعنوان ( رسائل الرازي الفلسفية ) ضمنها كتاب ( الطب الروحاني) ، و كتاب ( السيرة الفلسفية ) و ( مقالة في ما بعد الطبيعة)، و مقالة في إمارات الإقبال و الدولة)، و مقالات أخرى ( في اللذة و العلم الإلهي و القدماء الخمسة ) ، و ( مناظرات بين أبي حاتم الرازي و أبي بكر الرازي ) . كما كانت للرازي مؤلفات في الصيدلة ، مما كان له أثر كبير في تقدم علم العقاقير . و تميزت كتابات الرازي بالدقة و الوضوح و الأمانة العلمية .

فأثر الحكمة على التجارب الفردية ، و آثر هذه التجارب على الاستدلالات المنطقية التي لا تقوم على التجربة . و عنده أن الله ، و النفس الكلية و الهيولي الأولى ، و المكان ، و الزمان ، هي المبادئ القديمة الخمسة التي لابد منها لوجود العالم . أن غاية السيرة الفلسفية هي أن يتشبه صاحبها بالخالق . أنكر الإسراف في الزهد، ولم يذم الانفعالات الإنسانية ، و إنما ذم الاستسلام لها . أنكر على المعتزلة إدخال البراهين العقلية في العقائد كما نقد الأديان ، و أنكر إمكان التوفيق بين الفلسفة و الدين . له رسالتان : أحدهما في الأديان ، و الأخرى في مخاريق الأنبياء .
و يظهر فضل الرازي في الكيمياء بصورة واضحة جلية ، عندما عمد إلى تقسيم المواد المعروفة في عصره إلى أربعة أقسام هي :

1_ المواد المعدنية .
2_المواد النباتية .
3_ المواد الحيوانية .
4_ المواد المشتقة .

و قد مجد العقل و مدحه . و تحدث عن ذلك طويلا في كتابه ( الطب الروحاني ) ، فقد اعتبر العقل اعظم نعم الله ، و ارفعها قدرا ، إذ به ندرك ما حولنا . و بالعقل استطاع الإنسان إن يسخر الطبيعة لمنفعته . وبه يتميز الإنسان على سائر الحيوانات . و من أقواله عن العقل :
(( أن لا نجعله و هو الحاكم محكوما عليه ، ولا هو الزمان مزموماً ، ولا هو المتبوع تابعا ، بل نرجع في الأمور إليه ، و نعتبرها به ، و نعتمد فيها عليه . ولا نسلط عليه الهوى الذي هو أفته و مكدرة ، و الحائد به عن سننه و حجته ، و قصده و استقامته .. بل نروضه ، و نذلله ، و نحوله ، و نجبره عن الوقوف عند أمره ونهيه.. )) . و ينسب الرازي الشفاء إلى آثار التفاعلات الكيميائية في أجسام المرضى ..