جابر بن حيان
الأزدي
( 110و197هـ )
هو عبد الله جابر بن حيان . عاش في الفترة الممتدة بين ( 110و197هـ )،
وقد عاش في بلاط هارون الرشيد واتصل عن قرب بالبرامكة وبصورة خاصة يحيى
بن خالد البرمكي وابنيه الفضل وجعفر . وصفه أنور الرفاعي في كتابه
تاريخ العلوم في الإسلام :( طويل القامة ، كثيف اللحية اشتهر بين قومه
بالإيمان ) أطلق عليه لقب الأستاذ الكبير وشيخ الكيميائيين في الإسلام
. هناك اجماع على أنه من عائلة عربية أصيلة نزح والده إلى طوس على حد
قول عبد الرزاق نوفل في كتابه ( المسلمون والعلم الحديث ) .
درس جابر بن حيان بكل إمعان المنهج العلمي عند علماء اليونان ، فوجده
يرتكز على التحليلات الفكرية الغامضة و لذا نلاحظ أنه أعتمد على المنهج
العلمي الذي يستند على التجربة والبرهان الحسي ، مع الأحتفاظ بالأفكار
الرياضية التي تعتبر عصب البحث العلمي . يقول برتيلو في كتابه ( تاريخ
الكيمياء في العصور الوسطى ) : ( إن لجابر بن حيان في الكيمياء ما
لأرسطوطاليس في المنطق ) .
بقي جابر يدرس الكيمياء على علماء الكوفة حتى نبغ فيه ، ثم ذهب إلى
بغداد وتعرف بالخليفة العباسي هارون الرشيد فكرمه وشجعه على دراسة
الكيمياء . يعتبر جابر بن حيان مؤسس علم الكيمياء بدون منازع ، ويظهر
ذلك في مؤلفاته الفذة والأصيلة . لقد بنى جابر بن حيان معلوماته
الكيميائية على التجارب والاستقراء والاستنتاج العلمي وبهذا يمكن
اعتباره صاحب المنهج العلمي لا بل رائده . فقد حاول تحويل الكيمياء
القديمة إلى ما نعرفه اليوم بالكيمياء . ولكن أمراً كهذا يأخذ مدة
طويلة حتى يتسنى التغير المرغةب فيه .
أكتشافات جابر
حضر جابر لأول مرة حجر الكي أو حجر جهنم (نترات الفضة ) ، لكي الجروح
والعضلات الفاسدة ، ومازال هذا الأمر معروفا بيننا إلى هذا اليوم .
وحضر جابر مدادا مضيئا من صدأ بيريت الحديد ، ينفع في كتابة المخطوطات
الثمينة ، ورسائل الجيش في الحرب ، لتقرأ في الليالي المظلمة حيث لا
ينبغي أن يكون ثمة ضوء لقنديل أو نار . وحضر جابر طلاء يقي الثياب من
البلل ، وطلاء يقي الحديد من الصدأ ، وطلاء يقي الخشب من الأحتراق
.وكانت هذه الطلاءات هي البداية لعلم البلمرات اليوم.
واكتشف جابر الورق الغير قابل للأحتراق ، لتكتب عليه الوثائق النفيسة ،
والرسائل الهامة .وبعد اكتشاف جابر للماء الملكي ، ولماء الذهب ، اكتشف
ماء الفضة ، وعنصر البوتاس ، وملح النشادر، ومركب كبريتيد الزئبق،
وحامض الكبريتيك، وسلفيد الزئبق ، وأوكسيد الزرنيخ، وكربونات الرصاص
وعنصر الأنتيمون، والسليماني، وعنصر الصوديوم، ويوديد الزئبق، وزيت
الزاج النقي .
وكان قد اكتشف من قبل حامض النيتريك ، وحامض الهايدروكلوريك، وتمكن
بهما معا من اكتشاف ماء الذهب .
و أعد جابر طرائق التقطير الخل المركز ( حامض الأستيك أسيد ) ، المعروف
الآن باسم الخليك الثلجي ، وطرائق لصبغ القماش ( علم الصباغة ) ودباغة
الجلود ( علم الدباغة ) ، ولفصل الفضة عن الذهب بحامض النتريك ( علم
تركيز الخامات ) .
واستعمل جابر أوكسيد المغنسيوم في صناعة الزجاج ،. ووصف جابر العمليات
الطبيعية الكيميائية وصفا دقيقا: التبخير ، والترشيح ، والتكثيف ،
والتبلور ، والإذابة ، والتصعيد، مثلما وصف الأدوات والآلات والأجهزة
الكيميائية في معمله ، وطرق العمل بها ، وأوجه أستخدامها .
وسبق جابر العالم كله بابحاثه في التكليس ، وارجاع المعدن إلى أصله ،
بواسطة الأوكسجين . وابتكر جابر آلة لأستخراج الوزن النوعي ، للمعادن ،
وللأحجار وللسوائل ، وللأجسام التي تذوب في الماء ( بعض الأملاح
والمركبات الكيميائية ) .
وقال جابر بأن الزئبق المصعد بالتبخير ، يزيل العفونة ، ويسهل البطن .
كما قال بئان دفع الماء يتناسب طرديا مع حجمه . وتحدث جابر عن السموم ،
ودفع مضارها ، فوضع بذلك اساس علم السموم . واستخدم أهل زمانه ،
اكتشافاته ، في الحرف ، وفي الصنائع، وفي السلم وفي الحرب ، وعرف الغرب
عن العرب ، أثناء الحروب في الأندلس ، والشام ، وآسيا الصغرى ، ومن
التجار والرحالة عبر شواطئ البحر الأبيض .ولم يشرع الغربيون في ترجمة
كتب جابر إلى الاتينية ، إلا مع مطالع القرن الثالث عشر الميلادي ، بعد
جابر باربعة قرون.
التأليف :
عكف على التأليف وتميز تصنيفه بأنه لا يسير على نمط واحد بل أنه أوجز
في بعض الأحيان كما لجأ إلى استخدام الرموز . ومن مؤلفاته في مجال
الكيمياء نذكر :
كتاب الزئبق .
كتاب الخواص .
كتاب الأحجار .
كتاب الموازين .
كتاب الوصية .
كتاب الخالص .
كتاب الرحمة .
رسالة في الكيمياء .
كتاب صندوق الحكمة .
كتاب المماثلة والمقابلة .
كتاب إخراج ما في القوة إلى الفعل .
كتاب خواص إكسير الذهب .
كتاب تدبير الحكماء .
كتاب الإحراق .
كتاب الذهب .
كتاب الفضة .
كتاب النحاس .
كتاب الحديد .
كتاب القصدير أو القالي .
كتاب نار الحجر .
كتاب التصعيد.
كتاب التنقية .
كتاب التنزيل .
كتاب السموم .
كتاب تدبير الحكماء .
عالم كل العصور
توفي جابر بن حيان في 810م ، وقد كان علاملم يسبق له نظير في علم
الكيمياء ، ستظل بصماته عليها إلى الأبد .
وبعد خمسة قرون من وفاة جابر ، بدأ الأوروبيون يترجمون مجموعات من كتب
جابر إلى اللاتينية عن اللغة العربية ، ومن أشهر هذه الكتب : الخالص و
الأستتمام ، والإستيفاء ، والتكليس . ويذكر هوليمارد في كتبه (
الكيمياء إلى عصر دالتون ) ، أن مؤلفات جابر المترجمة إلى اللاتينية ،
كانت عاملا قويا إلى أحياء الكيمياء في أوروبا ، ولم يحدث أن حظيت كتب
بالشهرة والذيوع ، في العصور الوسطى، مثلما حظيت به كتب جابر .
ومن اللتينية والعربية ترجمة كتب لجابر إلى اللغات الأوروبية الأخرى ،
وأصبحت أساسا لعلم الكيمياء في أوروبا إلى نهاية القرن الثامن عشر
الميلادي . ونسب الكثير من آراءه إلى الغربيين في المنهج ، وفي
النظريات، فصارت ثمار عقله مثل البذور ، لا يعرف أحد من سيزرعها ، ولا
من سيأكلها ، ولا إلى أين تحملها رياح المعرفة في أرجاء الأرض .
وعن جابر عقدت فصول في كتب ، وكتبت مقالات ، كتبها : كاردن فو ،
وهوليمارد ، وجورج سارتون ، وديلاسي أوليري ، وبرتلو . ونشر ( بول
كراوس ) كتابا في مجلدين عن جابر بن حيان .
ونشر ( هوليمارد ) في باريس مصنفات لجابر في علم الكيمياء ، بينها كتب
لجابر فقدت أصولها العربية ، وبقيت ترجماتها اللاتينية . وكذلك فعل (
بول كراوس ) في كتابه ( المختار من رسائل جابر ) الذي نشره بالقاهرة .
ويرى كلا من بول كراوس ، وهوليمارد ، أن جابر بن حيان سار بالتراث
الشرقي واليوناني في الكيمياء في أتجاه أكثر تجريبا وتنظيما ، وبعدا به
عن السرية والرموز ، وأن عبقرية جابر كانت تفضل العمل داخل المعمل،
تاركا مجال الخيال ، فجاءت نظرياته واضحة متقنة . وبسبب أبحاثه الدقيقة
الشاملة ، استحق جابر لقب : ( المؤسس الأول للكيمياء ) على قواعد علمية
سليمة ، وأسس راسخة .
|
|
|